سـلمــان الفارســي
إعداد : أمجد محمد عدنان المحمد
من بلاد فارس، يجيء هذا البطل وإنها لإحدى روائع الإسلام وعظمائه، ألا يدخل بلدا من بلاد الله ولقد تنبأ الرسول عليه السلام بهذا المد المبارك لدينه. وكان سلمان الفارسي شاهداً كان ذلك يوم الخندق. في السنة الخامسة للهجرة إذ خرج نفر من زعماء اليهود قاصدين مكة، ومحزّبين الأحزاب على رسول الله والمسلمين، متعاهدين معهم على أن يعاونوهم في حرب حاسمة تستأصل شأفة هذا الدين ووضعت خطة الحرب الغادرة، على أن يهجم جيش قريش وغطفان المدينة من خارجها، بينما يهاجم بنو قريظة من الداخل، ومن وراء صفوف المسلمين، الذين سيقعون آنئذ بين شقّى رحى تطحنهم وفوجىء الرسول والمسلمون يوما بجيش لجب يقترب من المدينة وصوّر القرآن الموقف فقال الله تعالى: (إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا). أربعة وعشرون ألف مقاتل تحت قيادة أبي سفيان وعيينة بن حصن يقتربون من المدينة ليطوقوها وليبطشوا بطشتهم الحاسمة. ورأى المسلمون أنفسهم في موقف عصيب وجمع الرسول أصحابه ليشاورهم في الأمر وطبعاً، أجمعوا على الدفاع ولكن كيف الدفاع ، هنالك تقدم الرجل الطويل الساقين، الذي كان الرسول يحمل له حباً عظيماً، واحتراماً كبيراً. تقدّم سلمان الفارسي وألقى من فوق هضبة عالية، نظرة فاحصة على المدينة وكان سلمان قد خبر في بلاد فارس الكثير من وسائل الحرب ، فتقدم للرسول صلى الله عليه وسلم بمقترحه الذي لم تعهده العرب من قبل في حروبها وكان عبارة عن حفر خندق يغطي جميع المنطقة المكشوفة حول المدينة . والله يعلم الذي لم تكد قريش تراه حتى دوختها المفاجأة، وظلت قواتها جاثمة في خيامها شهراً وهي عاجزة عن اقتحام المدينة . حتى أرسل الله تعالى عليها ذات ليلة ريح عاتية اقتلعت خيامها، وبدّدت شملهــا ونادى أبو سفيان في جنوده آمراً بالرحيل كان سلمان صاحب المشورة بحفر الخنــــدق وكان صاحب الصخــــرة التي تفجرت منها بعض أسرار الغيب والمصير، حين استعان عليها برسول الله صلى الله عيه وسلم، وكان قائماً إلى جـــوار الرسول يرى الضوء، ويسمع البشرى ولقد عاش حتى رأى البشرى حقيقة يعيشها، وواقعاً فرأى مدائن الفرس والروم رأى قصور صنعاء وسوريا ومصر والعراق .
إنه سلمان.... انظروه جيداً انظروه جيداً في ثوبه القصير الذي انحسر من قصره الشديد إلى ركبته إنه هو ، في جلال مشيبه، وبساطة اهابه. لقد كان عطاؤه وفيراً.. كان بين أربعة وستة آلاف في العام، بيد أنه كان يوزعه جميعا، ويرفض أن يناله منه درهم واحد، ويقول أشتري خوصاً بدرهم، فأعمله، ثم أبيعه بثلاثة دراهم، فأعيد درهماً فيه، وأنفق درهما على عيالي ، وأتصدّق بالثالث.. ولو أن عمر بن الخطاب نهاني عن ذلك ما انتهيت) وها هو ذا جالس هناك تحت ظل الشجرة الوارفة الملتفة أما داره "بالمدائن" يحدث جلساءه عن مغامرته العظمى في سبيل الحقيقة، ويقص عليهم كيف غادر دين قومه الفرس إلى المسيحية، ثم إلى الإسلام. كيف غادر ثراء أبيه الباذخ ، ورمى نفسه في أحضان الفاقة، بحثاً عن خلاص عقله وروحه كيف بيع في سوق الرقيق، وهو في طريق بحثه عن الحقيقة كيف التقى بالرسول عليه الصلاة والسلام.. وكيف آمن به.
لطالما برّح الشوق الظامئ بسلمان..
وآن اليوم أن يرتوي، وينهل..
إعداد : أمجد محمد عدنان المحمد
من بلاد فارس، يجيء هذا البطل وإنها لإحدى روائع الإسلام وعظمائه، ألا يدخل بلدا من بلاد الله ولقد تنبأ الرسول عليه السلام بهذا المد المبارك لدينه. وكان سلمان الفارسي شاهداً كان ذلك يوم الخندق. في السنة الخامسة للهجرة إذ خرج نفر من زعماء اليهود قاصدين مكة، ومحزّبين الأحزاب على رسول الله والمسلمين، متعاهدين معهم على أن يعاونوهم في حرب حاسمة تستأصل شأفة هذا الدين ووضعت خطة الحرب الغادرة، على أن يهجم جيش قريش وغطفان المدينة من خارجها، بينما يهاجم بنو قريظة من الداخل، ومن وراء صفوف المسلمين، الذين سيقعون آنئذ بين شقّى رحى تطحنهم وفوجىء الرسول والمسلمون يوما بجيش لجب يقترب من المدينة وصوّر القرآن الموقف فقال الله تعالى: (إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا). أربعة وعشرون ألف مقاتل تحت قيادة أبي سفيان وعيينة بن حصن يقتربون من المدينة ليطوقوها وليبطشوا بطشتهم الحاسمة. ورأى المسلمون أنفسهم في موقف عصيب وجمع الرسول أصحابه ليشاورهم في الأمر وطبعاً، أجمعوا على الدفاع ولكن كيف الدفاع ، هنالك تقدم الرجل الطويل الساقين، الذي كان الرسول يحمل له حباً عظيماً، واحتراماً كبيراً. تقدّم سلمان الفارسي وألقى من فوق هضبة عالية، نظرة فاحصة على المدينة وكان سلمان قد خبر في بلاد فارس الكثير من وسائل الحرب ، فتقدم للرسول صلى الله عليه وسلم بمقترحه الذي لم تعهده العرب من قبل في حروبها وكان عبارة عن حفر خندق يغطي جميع المنطقة المكشوفة حول المدينة . والله يعلم الذي لم تكد قريش تراه حتى دوختها المفاجأة، وظلت قواتها جاثمة في خيامها شهراً وهي عاجزة عن اقتحام المدينة . حتى أرسل الله تعالى عليها ذات ليلة ريح عاتية اقتلعت خيامها، وبدّدت شملهــا ونادى أبو سفيان في جنوده آمراً بالرحيل كان سلمان صاحب المشورة بحفر الخنــــدق وكان صاحب الصخــــرة التي تفجرت منها بعض أسرار الغيب والمصير، حين استعان عليها برسول الله صلى الله عيه وسلم، وكان قائماً إلى جـــوار الرسول يرى الضوء، ويسمع البشرى ولقد عاش حتى رأى البشرى حقيقة يعيشها، وواقعاً فرأى مدائن الفرس والروم رأى قصور صنعاء وسوريا ومصر والعراق .
إنه سلمان.... انظروه جيداً انظروه جيداً في ثوبه القصير الذي انحسر من قصره الشديد إلى ركبته إنه هو ، في جلال مشيبه، وبساطة اهابه. لقد كان عطاؤه وفيراً.. كان بين أربعة وستة آلاف في العام، بيد أنه كان يوزعه جميعا، ويرفض أن يناله منه درهم واحد، ويقول أشتري خوصاً بدرهم، فأعمله، ثم أبيعه بثلاثة دراهم، فأعيد درهماً فيه، وأنفق درهما على عيالي ، وأتصدّق بالثالث.. ولو أن عمر بن الخطاب نهاني عن ذلك ما انتهيت) وها هو ذا جالس هناك تحت ظل الشجرة الوارفة الملتفة أما داره "بالمدائن" يحدث جلساءه عن مغامرته العظمى في سبيل الحقيقة، ويقص عليهم كيف غادر دين قومه الفرس إلى المسيحية، ثم إلى الإسلام. كيف غادر ثراء أبيه الباذخ ، ورمى نفسه في أحضان الفاقة، بحثاً عن خلاص عقله وروحه كيف بيع في سوق الرقيق، وهو في طريق بحثه عن الحقيقة كيف التقى بالرسول عليه الصلاة والسلام.. وكيف آمن به.
لطالما برّح الشوق الظامئ بسلمان..
وآن اليوم أن يرتوي، وينهل..