سعيد بن عامر -إعداد : محمد سعيد فواز العبود
إنه واحد من كبار الصحابة رضي الله عنهم ، أسلم سعيد قبيل فتح خيبر ، ومنذ عانق الاسلام وبايع الرسول أعطاهما كل حياته. عندما عزل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب معاوية عن ولاية الشام ، تلفت حواليه يبحث عن بديل يوليه مكانه . وأسلوب عمر في اختيار ولاته ومعاونيه، أسلوب يجمع أقصى غايات الحذر، والدقة، والأناة ذلك
والشام يومئذ حاضرة كبيرة ، فصاح عمر إليّ بسعيد بن عامر وفيما بعد يجيء سعيد إلى أمير المؤمنين ويعرض عليه ولاية حمص ولكن سعيداً يعتذر ويقول(لا تفتنّي يا أمير المؤمنين) فيصيح به عمر (والله لا أدعك أتضعون أمانتكم وخلافتكم في عنقي ثم تتركوني) واقتنع سعيد في لحظة خرج سعيد إلى حمص ومعه زوجته ، وكانا عروسين جديدين ، وزوّده عمر بقدر طيّب من المال ولما استقرّا في حمص أرادت زوجته أن تستعمل حقها كزوجة في استثمار المال الذي زوده به عمر وأشارت عليه بأن يشتري ما يلزمهما من لباس لائق ومتاع وأثاث ثم يدخر الباقي وقال لها سعيد (ألا أدلك على خير من هذا نحن في بلاد تجارتها رابحة ، وسوقها رائجة ، فلنعط المال من يتجر لنا فيه وينمّيه) وخرج سعيد فاشترى بعض ضروريات عيشه المتقشف ، ثم فرق جميع المال في الفقراء والمحتاجين ومرّت الأيام وبين الحين والحين تسأله زوجه عن تجارتهما وأيّان بلغت من الأرباح ويجيبها سعيد انها تجارة موفقة وإن الأرباح تنمو وتزيد وذات يوم سألته نفس السؤال أمام قريب له كان يعرف حقيقة الأمر فابتسم ثم ضحك ضحكة أوحت إلى روع الزوجة بالشك والريب ، فألحت عليه أن يصارحها الحديث ، فقال لها: لقد تصدق بماله جميعه من ذلك اليوم البعيد . فبكت زوجة سعيد ، وآسفها أنها لم تذهب من هذا المال بطائل فلا هي ابتاعت لنفسها ما تريد ، ولا المال بقي ونظر إليها سعيد فقال (لقد كان لي أصحاب سبقوني إلى الله وما أحب أن أنحرف عن طريقهم ولو كانت لي الدنيا بما فيها) .
وعلى الرغم من ولع الحمصيين بالتمرّد فقد هدى الله قلوبهم لعبده الصالح سعيد ، فأحبوه وأطاعوه . ولقد سأله عمر يوما فقال( إن أهل الشام يحبونك) فأجابه سعيد قائلاً (لأني أعاونهم وأواسيهم) بيد أن مهما يكن أهل حمص حب لسعيد ، فلا مفر من أن يكون هناك بعض التذمر والشكوى وتقدم البعض يشكون منه طلب عمر من الزمرة الشاكية أن تعدد نقاط شكواها ، واحدة واحدة فنهض المتحدث بلسان هذه المجموعة وقال : نشكو منه أربعاً لا يخرج إلينا حت يتعالى النهار ولا يجيب أحدا بليل وله في الشهر يومان لا يخرج فيهما إلينا ولا نراه ، وأخرى لا حيلة له فيها ولكنها تضايقنا ، وهي أنه تأخذه الغشية بين الحين والحين فدعاه للدفاع عن نفسه ، فقال سعيد : أما قولهم إني لا أخرج إليهم حتى يتعالى النهار فوالله لقد كنت أكره ذكر السبب إنه ليس لأهلي خادم ، فأنا أعجن عجيني ، ثم أدعه يختمر ، ثم اخبز خبزي ، ثم أتوضأ للضحى ، ثم أخرج إليهم ، وأما قولهم ( لا أجيب أحدا بليل) فوالله ، لقد كنت أكره ذكر السبب إني جعلت النهار لهم ، والليل لربي أما قولهم : إن لي يومين في الشهر لا أخرج فيهما (فليس لي خادم يغسل ثوبي ، وليس بي ثياب أبدّلها ، فأنا أغسل ثوبي ثم أنتظر أن يجف بعد حين وفي آخر النهار أخرج اليهم ) وأما قولهم : إن الغشية تأخذني بين الحين والحين فقد شهدت مصرع خبيب الأنصاري بمكة وقد بضعت قريش لحمه ، وحملوه على جذعه ، وهم يقولون له : أحب أن محمداً مكانك ، وأنت سليم معافى فيجيبهم قائلاً : والله ما أحب أني في أهلي وولدي ، معي عافية الدنيا ونعيمها ويصاب رسول الله بشوكة فكلما ذكرت ذلك المشهد الذي رأيته وأنا يومئذ من المشركين ، ثم تذكرت تركي نصرة خبيب يومها ، أرتجف خوفاً من عذاب الله ، ويغشاني الذي يغشاني .
وفي العام العشرين من الهجرة ، لقي سعيد ربه أنقى ما يكون صفحة ، لقد طال شوقه إلى الرعيل الأول الذي نذر حياته لحفظه وعهده ، وتتبع خطاه أجل لقد طال شوقه إلى رسوله ومعلمه و إلى رفاقه الأوّابين المتطهرين
سلام على سعيد بن عامر.. وسلام.. ثم سلام على سيرته وذكراه.
إنه واحد من كبار الصحابة رضي الله عنهم ، أسلم سعيد قبيل فتح خيبر ، ومنذ عانق الاسلام وبايع الرسول أعطاهما كل حياته. عندما عزل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب معاوية عن ولاية الشام ، تلفت حواليه يبحث عن بديل يوليه مكانه . وأسلوب عمر في اختيار ولاته ومعاونيه، أسلوب يجمع أقصى غايات الحذر، والدقة، والأناة ذلك
والشام يومئذ حاضرة كبيرة ، فصاح عمر إليّ بسعيد بن عامر وفيما بعد يجيء سعيد إلى أمير المؤمنين ويعرض عليه ولاية حمص ولكن سعيداً يعتذر ويقول(لا تفتنّي يا أمير المؤمنين) فيصيح به عمر (والله لا أدعك أتضعون أمانتكم وخلافتكم في عنقي ثم تتركوني) واقتنع سعيد في لحظة خرج سعيد إلى حمص ومعه زوجته ، وكانا عروسين جديدين ، وزوّده عمر بقدر طيّب من المال ولما استقرّا في حمص أرادت زوجته أن تستعمل حقها كزوجة في استثمار المال الذي زوده به عمر وأشارت عليه بأن يشتري ما يلزمهما من لباس لائق ومتاع وأثاث ثم يدخر الباقي وقال لها سعيد (ألا أدلك على خير من هذا نحن في بلاد تجارتها رابحة ، وسوقها رائجة ، فلنعط المال من يتجر لنا فيه وينمّيه) وخرج سعيد فاشترى بعض ضروريات عيشه المتقشف ، ثم فرق جميع المال في الفقراء والمحتاجين ومرّت الأيام وبين الحين والحين تسأله زوجه عن تجارتهما وأيّان بلغت من الأرباح ويجيبها سعيد انها تجارة موفقة وإن الأرباح تنمو وتزيد وذات يوم سألته نفس السؤال أمام قريب له كان يعرف حقيقة الأمر فابتسم ثم ضحك ضحكة أوحت إلى روع الزوجة بالشك والريب ، فألحت عليه أن يصارحها الحديث ، فقال لها: لقد تصدق بماله جميعه من ذلك اليوم البعيد . فبكت زوجة سعيد ، وآسفها أنها لم تذهب من هذا المال بطائل فلا هي ابتاعت لنفسها ما تريد ، ولا المال بقي ونظر إليها سعيد فقال (لقد كان لي أصحاب سبقوني إلى الله وما أحب أن أنحرف عن طريقهم ولو كانت لي الدنيا بما فيها) .
وعلى الرغم من ولع الحمصيين بالتمرّد فقد هدى الله قلوبهم لعبده الصالح سعيد ، فأحبوه وأطاعوه . ولقد سأله عمر يوما فقال( إن أهل الشام يحبونك) فأجابه سعيد قائلاً (لأني أعاونهم وأواسيهم) بيد أن مهما يكن أهل حمص حب لسعيد ، فلا مفر من أن يكون هناك بعض التذمر والشكوى وتقدم البعض يشكون منه طلب عمر من الزمرة الشاكية أن تعدد نقاط شكواها ، واحدة واحدة فنهض المتحدث بلسان هذه المجموعة وقال : نشكو منه أربعاً لا يخرج إلينا حت يتعالى النهار ولا يجيب أحدا بليل وله في الشهر يومان لا يخرج فيهما إلينا ولا نراه ، وأخرى لا حيلة له فيها ولكنها تضايقنا ، وهي أنه تأخذه الغشية بين الحين والحين فدعاه للدفاع عن نفسه ، فقال سعيد : أما قولهم إني لا أخرج إليهم حتى يتعالى النهار فوالله لقد كنت أكره ذكر السبب إنه ليس لأهلي خادم ، فأنا أعجن عجيني ، ثم أدعه يختمر ، ثم اخبز خبزي ، ثم أتوضأ للضحى ، ثم أخرج إليهم ، وأما قولهم ( لا أجيب أحدا بليل) فوالله ، لقد كنت أكره ذكر السبب إني جعلت النهار لهم ، والليل لربي أما قولهم : إن لي يومين في الشهر لا أخرج فيهما (فليس لي خادم يغسل ثوبي ، وليس بي ثياب أبدّلها ، فأنا أغسل ثوبي ثم أنتظر أن يجف بعد حين وفي آخر النهار أخرج اليهم ) وأما قولهم : إن الغشية تأخذني بين الحين والحين فقد شهدت مصرع خبيب الأنصاري بمكة وقد بضعت قريش لحمه ، وحملوه على جذعه ، وهم يقولون له : أحب أن محمداً مكانك ، وأنت سليم معافى فيجيبهم قائلاً : والله ما أحب أني في أهلي وولدي ، معي عافية الدنيا ونعيمها ويصاب رسول الله بشوكة فكلما ذكرت ذلك المشهد الذي رأيته وأنا يومئذ من المشركين ، ثم تذكرت تركي نصرة خبيب يومها ، أرتجف خوفاً من عذاب الله ، ويغشاني الذي يغشاني .
وفي العام العشرين من الهجرة ، لقي سعيد ربه أنقى ما يكون صفحة ، لقد طال شوقه إلى الرعيل الأول الذي نذر حياته لحفظه وعهده ، وتتبع خطاه أجل لقد طال شوقه إلى رسوله ومعلمه و إلى رفاقه الأوّابين المتطهرين
سلام على سعيد بن عامر.. وسلام.. ثم سلام على سيرته وذكراه.